الله أكـــــبر ..

يحرم الثري من الذرية التي يتوق لرؤيتها بكل ما يملك.. ويرزق الفقير المحتاج الذي لا يقدر على الرعاية عشرات الأبناء..

يحرم الجميلة الخلوقة من الزوج والأسرة السعيدة والبيت المستقر، ويرزق القبيحة الشرسة بالزوج الوديع والأبناء والاستقرار.. يمنح المتشرد المعوز عافية وصحة تهد الصخر وراحة بال؛ ينام في أي وقت وأي مكان وأي حال، ويحرم الغني الذي يملك الملايين الصحة والراحة، تعجز أرصدته عن شراء ساعة نوم هنيئة… يمنح ابن البواب الفقير ذكاءً وتفوقاً وهداية، ولا تقدر ملايين التاجر أن تهب للابن المدلل المترف ذكاء واتزاناً.. «لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون».
تخطط لحياتك بحكمة ودراسة باذلاً كل العناية والاهتمام والجهد والمال.. ترزق بالشريك الصالح والأبناء الرائعون..

تعتني بهم كما الزهور.. من رحيق عمرك وشبابك تسقيهم.. وحالما تكتمل الصورة المبهجة التي كانت مركونة لسنوات في الخيال تحلم بتحقيقها ليل نهار.. بيت جميل وعائلة رائعة.. ينزع الله قطعة من فؤادك بقبض روح أعز الناس إليك مخلفاً مرارة نفسية وجرحاً غائراً لا يلتئم على طول الأيام.. لقد حان دورك لتذيقك الحياة من مرارتها كما أذاقت غيرك من قبل «لقد خلقنا الإنسان في كبد»…
ملايين البشر في كل أصقاع الأرض.. مختلف الألوان واللغات والأشكال والمعتقدات والأعمار… كلهم في حال المحن يهرعون لرب واحد.. واحد.. «يا الله»!! كل عبد من الملايين له حاجة.. الشفاء.. الرزق.. الوظيفة.. الذرية.. الزواج.. السكن… الستر.. العافية.. النجاح.. عودة الغائب.. الأمان.. وكل عبد شاعر بأن الله معه وحده وهو يناجيه.. يسمعه ويفهم مقصده جلّ جلاله.. ولا يمل من سماع حاجاته.. وحده القادر عزّ وجلّ على تحقيق أمانيه.. وحده عزّ وجلّ القادر على إحداث معجزة تقلب كل التوقعات.. كل الوقائع.. استجابة لمطلبه.. «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِي…».
ينتهك العبد القانون فيظل طوال حياته مطارداً.. هارباً.. مهما ندم وتراجع واعترف بذنبه وأدى كل ما في وسعه لإثبات توبته.. وشرع في حياة بيضاء تحفها الفضيلة والنزاهة.. لن يتنازل القانون عن عقوبته مهما قدّم.. يهجس ليل نهار بأمان الخائفين.. وينتهك العبد قانون خالقه.. يندم ويتوب.. فيجد أبواب السماء مشرعة ذراعيها لاحتضانه وتتلقفه عناية الله بالرحمة والصفح والغفران «قل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».

 

 

لـ د.أميره علي الزهراني amirh_z@yahoo.com

أضف تعليقك